يبتكرون حيلا لا تخطر على بال، ويقدمون على مغامرات غير محسوبة العواقب. يعرفون أن نسبة الفشل أكبر من نسبة النجاح بكثير، وأن عودتهم للسجن أمر لامحالة منه، وإن طال أمد هروبهم، لكنهم مع ذلك يصرون على الهرب. قصص سجناء مغاربة نفذوا خططا مثيرة للفرار من السجن.
يوصف أشرف السكاكي، الشاب المغربي الذي ولد ببلجيكا، بأنه أخطر المجرمين. ليست هناك أي مبالغة، في الواقع إنه كذلك فعلا.
الهرب عبر هيليكوبتر
مع أنه عمره لم يكن يتعد 26عاما (ولد سنة1983)، إلا أنه كان السجين الذي يحظى بشهرة كبيرة في بلجيكا. دخل السجن عشرات المرات، بسبب تورطه في العديد من السرقات واستخدام الأسلحة المختلفة وارتكاب جرائم خطف.
يوم 23يوليوز2009 كان الجو هادئا في سجن بروج. وسط الساحة كان السجناء يستفيدون من الفسحة قبل أن تظهر في السماء مروحية صغيرة، بدا أنها تقترب شيئا فشيئا، ثم فجأة امتطاها أشرف ومع سجينان آخران. وقبل أن يستوعب من تابعوا الواقعة ماحدث، كانت طائرة الهيليكوبتر قد اختفت تماما.
وقتها كان أشرف يمضي عقوبة بالسجن 30عاما. استأجرت ليسلي صديقة أشرف طائرة “الهيليكوبتر” من وكالة خاصة بهدف الاستمتاع برحلة جوية قبل أن ترغم الربان رفقة أحد أصدقائها للهبوط وسط الساحة بعد تهديده بسلاح ناري. غادر أشرف بلجيكا سرا، قبل أن يدخل التراب المغربي بوثائق مزورة.
السر
بعد شهر من فراره من سجل بلجيكا سيلقى عليه القبض في الحسيمة. زج بأشرف في سجن وجد مع شريكه محمد الجوهري (24 عاما) في حين كان شريكهما الثالث لهما (عبد الحق ملول الخياري (42 عاما) قد وقع في يد الأمن البلجيكي.
بعد بضعة أشهر أمضاها في سجن وجدة بدأ في إعداد مخطط جهنمي للفرار. وصلت عشيقته إلى المغرب، حيث وأعدت أوراقا جديدة لتثبت أنها قريبته، وبالتالي ظلت تزوره في السجن طيلة ثلاثة أشهر.
في كل مرة كانت تزروه في السجن، كانت تمده بأقراص طبية خاصة تساعد على نقص الوزن بحوالي 10 كيلوغرامات خلال الأسبوع. لم يهتم حراس السجن بالوزن الذي فقده أشرف منذ دخل السجن، أو لعلهم فعلوا ذلك، دون أن يدركوا ماذا كان يحصل. كما لم يهتموا لأمر الحقيبة التي أدخلتها خليلة أشرف إلى المكان المخصص للزيارة، رغم أن القانون يمنع ذلك.
أما في آخر زيارة قامت بها للسجن، فقد غادرت كما هي عادتها، لكن عندما حل المساء، أثناء الإحصاء الروتيني للنزلاء، تبين أن أشرف ليس ضمن السجناء. وقتها كانت مضت ساعتان كاملتان على فراره. باشر الأمن حملة تمشيط واسعة بحثا عن تيسلي، حيث تبين أنها تقطن بأحد دواوير جماعة بني شيكر. في وقت لاحق اعتقل شقيقه وهو بصدد العبور إلى مليلية المحتلة حيث كان يدبر عملية تهريبه، كما اعتقلت خليلته.
الحيلة
سيكتشف المحققون أن عشيقة أشرف كانت تسلمه في كل زيارة تقوم بها حبوباً طبية تساعد على فقدان الوزن في فترة وجيزة. بينما حرص هو على اتباع نظام غدائي صارم وتمارين رياضية قاسية مكنته من إنقاص وزنه والحفاظ على رشاقته. في اليوم المحدد لتنفيذ الخطة وصلت عشيقته إلى السجن وبرفقتها حقيبة سفر من النوع المزود بعجلات وتمكنت من إدخالها حتى قاعة الزيارة مستفيدةً من تواطئ أحد حراس السجن.
اقتيد أشرف وخليلته نحو سجن سلا، عاد إلى وجدة، بعدما أصدر القضاء في حقه عقوبة حبسية مدتها 12 سنة سجنا نافذا خلال ربيع سنة 2011، ليتم طي ملف أغرب طريقة فرار سجين من السجن المحلي لوجدة.
في شهر يونيو2016، أكدت النيابة العامة ببروكسل، اعتقال شخصين بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية، كانت تخطط لتهريب أشرف السكاكي من سجن سلا.
الرجلان كانا يستعدان للحصول على أسلحة ومتفجرات من أجل تهريب السكاكي، المسجون بسلا.
وفر أشرف وحده من سجن “تورنهاوت”(2003)، وعام 2009 مع صديقيه من سجن “بروغس” البلجيكي. وفي نفس السنة من سجن وجدة.
أول مرة
دخل “أشرف” السجن لأول مرة (13عاما) بتهمة سرقة بسيطة كتلك التي يقدم عليها الأطفال في المحلات التجارية الكبرى. وفي السجن سيتعرف على أقرانه من ينتمون إلى عصابات تنشط في مجال السرقة. اكتسب تجربة كبيرة أهلته لخوض معارك كثيرة في سرقة البنوك والسطو ما تحتويه صناديقها من أموال. هكذا تحول من لص إلى مجرم خطير سيحير مختلف المصالح الأمنية بأوروبا والمغرب أيضا. تخصص “أشرف” في “البراكاج” كما تخصص في الهرب من السجون.