يتطلع المعهد الوطني للبحث الزراعي عبر تطوير أصناف جديدة من بذور الحبوب والقطاني والنباتات الزيتية المقاومة للتغيرات المناخية إلى تحسين الإنتاج بنسبة 50 في المائة.
وأوضح المعهد الوطني، بمناسبة يوم دراسي ينظمه، اليوم الاثنين، المركز الجهوي للبحث الزراعي بالقنيطرة، أن البحث العلمي المحلي مكن من تطوير ما بين 30 و50 من الأصناف النباتية الجديدة التي تستحضر التغيرات المناخية.
وشكل اليوم الدراسي، ورشة ميدانية لتحسيس المزارعين والمهنيين، بخصائص تلك النباتات المبتكرة، والتي تراعي، حسب مسؤولي المعهد الوطني للبحث الزراعي، المميزات المحلية، حيث أنه يجري التأكيد على أن ذلك سيمكن من تحسين الإنتاجية في حال تعميم الأصناف الجديدة على المناطق المستهدفة.
ويراد إطلاع المزارعين والمهنيين على تقنيات الإنتاج، بما في ذلك الري التكميلي الذي يساهم في ضمان إنتاج موثوق. وهو الأمر الذي جرى تحقيقه عبر تجارب اعتمدت على الأصناف الجديدة في بعض المناطق.
ويسعى المعهد إلى إبراز التقدم الوراثي للأصناف الجديدة المقاومة للتغيرات المناخية، حيث طور منصات تجارب في الغرب والسايس و تادلة وزعير.
ويستهدف اليوم الدراسي الحقلي المنظم اليوم الاثنين، المزارعين والمؤسسات الشريكة للمعهد الوطني للبحث الزراعي والمهنيين.
ويقضي باحثو المعهد الوطني للبحث الزراعي والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة بالمغرب، ما بين 10 سنوات إلى 12 سنة، في تطوير أصناف جديدة من الحبوب المقاومة للجفاف والتغيرات المناخية، بحيث تتطلب هذه العملية نفسا طويلا وتجارب عديدة قبل التمكن من استنباط صنف جديد يوفر مردودية أكبر للفلاح ويساعده على تلبية حاجياته من الحبوب.
ويشرح هذه العملية الدكتور موحى فراحي، رئيس قسم التحسين الوراثي بالمعهد الوطني للبحث الزراعي بالرباط، بالقول “إن تطوير الأصناف يبدأ بالتهجين ما بين صنف له خاصية وآخر له خاصية أخرى، وبعد ذلك نقوم بالانتقاء”، مضيفا أن “هذه المرحلة تستدعي المرور من 6 إلى 7 محطات للتجارب من أجل معرفة مردودية الأصناف المستنبطة ومدى مقاومتها للأمراض وقيمتها الغذائية”.
ويسعى الباحثون إلى تطوير أصناف زراعية جديدة تتكيف مع الخصوصيات المناخية لمختلف المناطق بالبلاد، تلبية لحاجيات المنتجين الذين يقبلون أكثر فأكثر على أصناف ذات إنتاجية وجودة عالية.
كما تروم هذه الأبحاث، التي يسهر عليها ثلة من الخبراء في المجال، إلى تحقيق أهداف الجيل الأخضر 2020-2030، عبر تحسين دخل المنتجين وتوسيع طبقة وسطى زراعية جديدة ستساهم لا محالة في الأمن الغذائي للبلاد.
وأصبح حاليا إنتاج أصناف جديدة، تتكيف مع التغيرات المناخية تحديدا، يزداد أهمية في أولويات برنامج التحسين الوراثي للحبوب في المعهد الوطني للبحث الزراعي بالمغرب، ويشمل هذا الأخير الأنواع الرئيسية؛ وهي القمح الصلب، والقمح اللين والشعير، ويهدف هذا البرنامج إلى تجميع المورثات المهمة وابتكار أصناف جديدة تتكيف مع جميع المناطق الزراعية بالمغرب وذات إنتاجية وجودة عالية.
وأكد فراحي، في تصريح لموقع القناة الاولى، أن هذه العملية تتطلب، كذلك، العديد من الإمكانيات، “ما يستدعي إعطاء أهمية أكبر لتطوير الأصناف وتشجيع البحث الزراعي في هذا الإطار”.
وبخصوص برنامج التحسين الوراثي، قال الدكتور أحمد عامري، ممثل مقيم للمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة بالمغرب ICARDA، “إنه عبارة عن تهجينات واختيار ما بين سلالات الحبوب، من أجل التوصل إلى السلالة التي لها جودة عالية وتقاوم الجفاف والحشرات ومتأقلمة مع الإجهادات البيئية ومع الظروف المناخية في كل منطقة”.
وأكد عامري، الذي يعمل لما يفوق 20 سنة على هذا البرنامج بالمركز الدولي للبحوث الزراعية بالمناطق الجافة، أن التحسين الوراثي لا يعني بأي شكل من الأشكال أن هذه الأصناف معدلة وراثيا “لأن المعدل الوراثي لا يعتمد على التهجين؛ إذ تهم التهجينات فقط نقل المورثات من أنواع مزروعة وبرية لها علاقة بهذه الحبوب”.
وبدأ التحسين الوراثي للحبوب في المغرب منذ إنشاء أول مؤسسات مسؤولة عن التنمية الفلاحية في وقت الحماية، بحيث مر هذا البرنامج بعدة مراحل مختلفة، وفق معطيات المعهد الوطني للبحث الزراعي.
وكان وزير وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، أكد بمناسبة انعقاد المعرض الدولي للفلاحة بمكناس في أبريل الماضي، على أن الظوهر المتطرفة وعدم اليقين المناخي، بما لهما من تأثير على وفرة المياه والمحاصيل الزراعية، يقتضي تنظيم حلول مستدامة وتحويلية في سياق متسم بارتفاع الطلب العالمي على الغذاء، مشددا على أهمية البحث الزراعي للوصول إلى حلول مبتكرة عبر إتاحة أصناف أكثر مقاومة وتحسين الإنتاجية.
وتوقف الوزير عند أهمية توفير التمويلات للبحث العلمي، وهي تمويلات متباينة بين البلدان المتقدمة وتلك النامية، حيث لا تتجاوز 1 في المائة من الناتج الداخلي الخام في إفريقيا، بينما تصل تلك النسبة إلى 3 في المائة في الولايات المتحدة الأمريكية و2,5 في المائة في الاتحاد الأوروبي.