كشفت أحدث تقارير مركز الشفافية التابع لشركة “ميتا”، المالكة لفايسبوك وإنستغرام وواتساب، أن المغرب تقدّم خلال سنة 2024 بما مجموعه 1,188 طلبًا رسميًا للحصول على بيانات مستخدمين، ليتصدر بذلك دول القارة الإفريقية من حيث حجم هذه الطلبات.
التقرير أشار إلى أن السلطات المغربية وجهت أكبر عدد من الطلبات في المنطقة، متقدمة بفارق واضح عن باقي الدول الإفريقية. هذه المعطيات تضع المغرب في صدارة القارة، وتعكس في الوقت نفسه التنامي الكبير للطلب الحكومي على البيانات الرقمية في إطار التحقيقات الأمنية والقضائية.
ووفقًا للأرقام المنشورة، فإن “ميتا” استجابت، بشكل كامل أو جزئي، لنسبة مهمة من هذه الطلبات، انسجامًا مع سياستها الدولية التي سجلت معدل استجابة عالمي يقارب 78%.
يأتي هذا التطور في وقت يشهد العالم تصاعدًا لافتًا في توجه الحكومات نحو طلب بيانات المستخدمين من شركات التكنولوجيا الكبرى. ومع ازدياد الاعتماد على المنصات الرقمية للتواصل والتعبير، أصبحت هذه البيانات تُعتبر مصدرًا مهمًا في تتبع الجرائم الإلكترونية، والتحقيق في قضايا الإرهاب، والجرائم المنظمة، بل وحتى النزاعات المرتبطة بالخصوصية الرقمية.
“ميتا”، التي تنشر تقارير دورية للشفافية منذ سنوات، أوضحت أن الهدف من هذه التقارير هو تمكين الرأي العام من الاطلاع على حجم التفاعل بينها وبين الحكومات، وضمان مستوى من الوضوح حول كيفية التعامل مع هذه الطلبات.
المغرب والرهان الرقمي
تصدر المغرب لهذه القائمة يثير نقاشًا متجددًا حول العلاقة بين الأمن والحرية الرقمية. فمن جهة، هناك حاجة متزايدة لدى السلطات إلى الحصول على معطيات تساعد في التحقيقات وحماية الأمن الوطني. ومن جهة أخرى، يتخوف بعض النشطاء والحقوقيين من أن يؤدي هذا المنحى إلى المساس بحقوق الخصوصية وحريات التعبير على المنصات الرقمية.
ويُذكر أن المغرب أطلق في السنوات الأخيرة استراتيجيات متعددة للتحول الرقمي وتعزيز الأمن السيبراني، وهو ما يجعل مسألة تدبير البيانات الرقمية جزءًا لا يتجزأ من رهاناته الكبرى.
يوضح تقرير مركز الشفافية التابع لميتا أن المغرب أصبح من أبرز الفاعلين الأفارقة في مجال طلبات البيانات الرقمية. وبين متطلبات الأمن الوطني ومقتضيات حماية الخصوصية، يبدو أن التحدي الأكبر يكمن في إيجاد التوازن بين حق الدولة في الحماية وحق الأفراد في الحرية الرقمية، في سياق عالمي يتجه أكثر فأكثر نحو المراقبة المنظمة للفضاء الافتراضي.