الهند والعلامات التجارية الفاخرة… تجربة معقدة في سوق ضخمة

الهند والعلامات التجارية الفاخرة… تجربة معقدة في سوق ضخمة

تظل السوق الهندية حلما كبيرا للعلامات التجارية العالمية الفاخرة، لكنها في الوقت نفسه واحدة من أكثر الأسواق تعقيدا وصعوبة. فبين الرسوم الجمركية الباهظة، والبيروقراطية الثقيلة، والتنافس المحتدم مع قطاع قوي من السلع الفاخرة المحلية، تبقى مهمة اختراق هذه السوق الضخمة محفوفة بالتحديات.

متاجر عالمية في مهمة محفوفة بالمخاطر

أحدث الوافدين إلى هذا المضمار هو متجر “غاليري لافاييت” الفرنسي، الذي افتتح أول فرع له في الهند، وتحديداً في العاصمة المالية مومباي. ورغم الشهرة الواسعة للمتجر في عالم الموضة الراقية، فإن دخوله السوق الهندية لم يكن ممكناً من دون دعم محلي قوي من مجموعة أديتيا بيرلا، أحد أكبر التكتلات الاقتصادية في البلاد.

وترى بينيديكت إيبيناي، الرئيسة التنفيذية لشركة كوميت كولبير، أن دخول العلامة الفرنسية إلى الهند يمثل “خطوة مهمة”، لكنها تعترف بأن الهند “سوق واعدة لكنها معقّدة جداً”.

التعقيدات لا تقف عند حدود الإجراءات والإيرادات الجمركية. فالهند تمتلك سوقاً محلية ضخمة من المصممين والعلامات المحلية، ما يجعل المنافسة أمام الماركات الأجنبية شرسة.

وتقول سونال أهوجا، 39 سنة، من سكان مومباي:“ماركات مثل لوي فويتون وغوتشي وديور أصبحت تدمج التصاميم الهندية في منتجاتها، لكنها لا تنافس الأصالة المحلية. حفلات الزفاف مثلاً… الجميع يفضل مصممين مثل سابياساتشي أو تارون تاهيلياني”. بمعنى آخر: لماذا تشترين قطعة أجنبية تحاول أن تكون “هندية” بينما يمكنك شراء الأصل؟

 

نمو سريع… لكن أرباح محدودة

ورغم التحديات، فإن سوق السلع الفاخرة في الهند تشهد نمواً سريعاً. فبحسب أرقام “بيزنس فرانس”، نمت قيمة القطاع من 11 مليار دولار في 2024، مع توقع أن تبلغ 35 ملياراً بحلول 2030.

الهند تنتج سنوياً عشرات الآلاف من الأُسر الثرية الجديدة، ما يجعل الطلب على السيارات الفارهة والحقائب الفاخرة في ازدياد. لكن، ورغم هذا النمو، لا تزال الصورة غير وردية بالنسبة للعلامات العالمية.

أشوك سوم، من كلية ESSEC في فرنسا، يوضح: “العلامات التجارية تمتلك بيانات قليلة جداً تظهر تحقيق أرباح مهمة أو عائداً حقيقياً على الاستثمار”. فمعظم الماركات العالمية تمتلك بين متجر وثلاثة فقط في الهند، مقارنة بما يصل إلى 400 متجر في الصين.

تفسير ذلك، بحسب إيبيناي: “التشابه الوحيد بين الهند والصين هو عدد السكان. الهند تفتقر إلى التجانس الاجتماعي واللغوي والثقافي الموجود في الصين”.

السفر أفضل من الشراء محليا

الرسوم الجمركية المرتفعة تجعل شراء السلع الفاخرة داخل الهند خياراً غير منطقي للكثير من المستهلكين. رحلة إلى دبي بـ 350 دولاراً كافية لشراء قطعة فاخرة بسعر أقل بـ 40% من الهند.

يقول رجل الأعمال فيشال ماثور (46 عاماً): “نعم، سندفع ثمن الحرفية والعلامة التجارية… لكن هل من المعقول دفع مبلغ إضافي فقط لأن الشراء يتم داخل الهند؟ أبداً”.

بارقة الأمل تكمن في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الهند والاتحاد الأوروبي، والتي قد يتم توقيعها قبل نهاية العام. خطوة كهذه يمكن أن تخفّض الرسوم وتعيد تشكيل السوق بشكل جذري.

في نهاية المطاف، لا يمكن للماركات الفاخرة النجاح في الهند من دون استيعاب الثقافة المحلية. فالهند بلد يحتفي بملابس مثل الساري والكورتا، ولا تزال الموضة الغربية محصورة في نطاق ضيق داخل المدن الكبرى.

وهنا تلجأ العلامات العالمية إلى التعاون مع مصممين هنود، وعلامات محلية، ونجوم بوليوود، ومؤثّرين رقميين

وتؤكد إستيل ديفيد من “بيزنس فرانس”: “النجاح في الهند يتطلب التأقلم مع الثقافة والأذواق والعادات الشرائية… هذا شرط أساسي”.

 

خلاصة الزاوية الهند سوق ضخمة وواعدة، لكنها ليست سهلة. هي خليط من التعقيد البيروقراطي، الرسوم العالية، الأصالة الثقافية، وتنوع المستهلكين. ورغم الإمكانات الكبيرة، فإن الطريق نحو النجاح للعلامات الفاخرة يبقى طويلاً… وربما يتطلب أكثر من مجرد افتتاح متجر جديد.

النشرة الاخبارية

اشترك الان في النشرة البريدية، لتصلك اخر الاخبار يوميا

الاكثر قراءة

تابعنا على :