في خان يونس ورفح في جنوب قطاع غزة، افترش فلسطينيون فارون الأرض أمام المباني وفي الشوارع، بعد أن امتلأت مدارس الأونروا بالنازحين، بعد الإنذار الإسرائيلي الأخير بإخلاء مدينة غزة.
في مستشفى ناصر في خان يونس، تجم ع آلاف النازحين في الحديقة وفي ممرات المستشفى بحثا عن مكان للمبيت أو الطعام أو الشراب، بحسب ما أفاد صحافيون في وكالة فرانس برس.
وخلت رفوف المحال التجارية من كل الأساسيات.
ويقول جمعة ناصر (40 عاما) الذي قدم من بيت لاهيا في شمال القطاع برفقة زوجته ووالدته وأولاده السبعة، “الوضع مصيبة. لا أكل ولا نوم. لا نعرف ماذا نفعل. سل مت أمري لله. الموت والحياة بيد الله”.
خارج المستشفى، جلست عائلات على الأرض مع أطفال يبكي بعضهم فيما الصدمة ظاهرة على وجوه آخرين. وغلب الإنهاك على الطاقم الطبي الذي يعمل دون توقف داخل المستشفى، كون المنطقة تعرضت خلال الساعات الماضية لقصف إسرائيلي عنيف.
ونزح عشرات آلاف الفلسطينيين الجمعة من مدينة غزة في اتجاه جنوب القطاع، بعد أن طلب الجيش الإسرائيلي من المدنيين المغادرة في اتجاه الجنوب “لحماية أنفسهم”، ما يرجح حصول عملية برية واسعة.
ولجأ الآلاف الى مدرسة تابعة للأونروا قبالة المستشفى، ويشكو كثيرون من نقص الطعام والشراب. ويقول أحمد أبو شعر، الأب ل13 طفلا، “وضعنا مأساوي. لا يوجد طعام كاف أو مياه. لا نعرف هل سنموت هنا أو سيجبروننا على الذهاب إلى مصر أو نعود إلى منازلنا التي قد تكون دمرت”.
وأفاد صحافيون في فرانس برس في رفح أنهم شاهدوا نازحين آخرين يبحثون عن مكان يقيمون فيه. في مخيم رفح للاجئين، كان مطعم يقد م الفلافل الجمعة حتى ساعة متأخرة من الليل بعد انتهاء كل مخزونه. واصطف نحو مئتي شخص السبت في طابور فوضوي أمام محطة لتعبئة الغاز على مدخل رفح. ويقول أحمد أبو روك (33 عاما) “أنا هنا منذ ساعة أنتظر في طابور لتعبئة الغاز حتى نطبخ ونوفر طعاما للأولاد”. أمام محطة لتعبئة المياه، اصطف العشرات للحصول على بعض منها وتعبئة غالونات حملوها معهم.
لا نزوح ولا ترحيل
وكانت إسرائيل شددت الحصار على قطاع غزة، وأعلنت قطع إمدادات الماء والكهرباء عنه. وقالت الأمم المتحدة إن قرار إخلاء مدينة غزة يطال 1,1 مليون شخص، وحذرت من تبعاته “المدم رة”.
لكن الجيش الإسرائيلي حض السبت سكان غزة على “عدم الإبطاء” في مغادرة منطقة شمال القطاع، مشيرا الى أن هناك مجالا للمرور الآمن إلى جنوب غزة بين الساعة 10,00 صباحا والساعة 4,00 بعد الظهر، من دون تحديد توقيت انتهاء مهلة الإنذار. وألقت طائرات إسرائيلية آلاف المنشورات على مدينة غزة الجمعة تطلب فيها من السكان باللغة العربية الإجلاء جنوبا.
وشن مقاتلون من حماس تسللوا برا وبحرا وجوا في السابع من تشرين الأول/أكتوبر هجوما مباغتا على أراض إسرائيلية قتلوا خلاله، وفق السلطات الإسرائيلية، أكثر من ألف مدني في الشوارع وفي منازلهم كما في مهرجان موسيقي. وترافق مع إطلاق آلاف الصواريخ في اتجاه إسرائيل التي ترد منذ سبعة أيام بقصف عنيف لقطاع غزة حصد قرابة 1500 قتيل.
ورفضت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة الجمعة إخلاء شمال القطاع، مؤكدة “ثابتون على أرضنا وفي بيوتنا ومدننا… ولا نزوح ولا ترحيل”.
وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجمعة خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن “رفضه الكامل” لتهجير السكان من غزة، محذرا من “نكبة ثانية”، في إشارة الى العام 1948، عندما ش ر د وطرد أكثر من 760 ألف فلسطيني خلال الحرب التي اندلعت إبان قيام دولة إسرائيل.
ويسعى العديد من الفلسطينيين الى مغادرة القطاع المنكوب والمحاصر.
عند معبر رفح، تجمع مئات الفلسطينيين من حملة جوازات سفر أجنبية، على أمل أن يتمكنوا من المغادرة في اتجاه مصر.
وأغلق المعبر خلال الأيام الماضية بعد قصف إسرائيلي استهدفه. ومعبر رفح هو المنفذ الوحيد غير الخاضع لسيطر إسرائيل الى العالم الخارجي، لكن المرور عليه يتطلب أذونات ودفع مبالغ مالية.
وفي انتظار مؤشر على فتح المعبر، يقول رامي عمر الشرافي الذي يحمل جواز سفر أميركيا، “أبلغونا الساعة الثانية صباحا بالتوجه إلى المعبر بين الساعة 12,00 والساعة 17,00. جئنا رغم القصف، الطريق خطرة جدا ومعي أطفال. حتى الآن لم تتواصل السفارة معي. ننتظر لنرى ماذا سيحدث”.