سلطت العديد من المنابر الإعلامية مؤخرا الضوء على ما تشهده مختلف الموانىء المغربية من تحركات جانبية لوكالة بحرية حديثة العهد أسسها المكتب الشريف للفوسفاط لتدبير الخدمات والأنشطة البحرية جنبا إلى جنب مع الوكالات البحرية الوطنية الخاصة أطلق عليها إسم “كوماطام”.
ففي ظرف أقل من سنة من إحداث المكتب الشريف للفوسفاط لهذه الوكالة ارتفعت الأصوات المنددة والمحتجة والمطالبة بإعادة النظر في طريقة اشتغال هذه الوكالة البحرية التي تم تأسيسها أساسا لتعويض الخصاص الحاصل في الموارد البشرية للوكالة البحرية التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، حيث وجهت لها أصابع الاتهام بأنها زاغت عن المرامي والأهداف التي جاءت من أجلها و أتت على الأخضر واليابس واستحوذت على مختلف الخدمات والأنشطة البحرية. فالعديد من الوكالات البحرية الخاصة دقت ناقوس الخطر معلنة عن قرب إفلاسها وتسريحها للعشرات من اليد العاملة والأطر العليا بفعل المنافسة الشرسة والغير متكافئة للوكالة البحرية “كوماطام” واستحواذها على مختلف الأنشطة البحرية.
وأمام الوضعية الكارثية وحالة الكساد التي تعيشه أغلب الوكالات البحرية الخاصة بمختلف الموانىء المغربية ارتأى موقع
PLANETE VERTE
تناول هذا الملف ومحاولة ملامسة هذه القضية من مختلف الجوانب من أجل تنوير الرأي العام المحلي والوطني بحقيقة ما تتعرض له الوكالات البحرية الخاصة من مضايقات واستهداف وإقصاء وبسط المشكل أمام مسؤولي المكتب الشريف للفوسفاط مركزيا من أجل إيجاد حلول لهذه المشاكل ومحاولة إنقاذ الوكالات البحرية الخاصة من الإفلاس وتجنيب أعداد كبيرة من الأطر واليد العاملة شبح الطرد والتشرد والرمي بالشارع.
ما الذي تغير؟
فمنذ ثمانينيات القرن الماضي ظل المكتب الشريف للفوسفاط يستحوذ لوحده وبانفراد على البواخر المصدرة للأسمدة عن طريق الوكالة البحرية التابعة له ويشتغل جنبا إلى جنب مع الوكلاء البحريين الخواص الذين يمثلون أرباب البواخر العالمية الذين تربطهم علاقة عمل طويلة المدى، ومع مرور الزمن تمت إحالة العديد من الأطر العليا واليد العاملة المشتعلة بالوكالة البحرية للمكتب الشريف للفوسفاط على التقاعد مما تسبب في نقص حاد في الموارد البشرية والكفاءات العليا وأثر بشكل كبير على أداء هذه الوكالة. ولتعويض هذا النقص ومحاولة تعويض هذه الكفاءات ، تعاقد المكتب الشريف للفوسفاط مع شركة للمناولة من أجل تزويدهم باليد العاملة والأطر العليا في أفق بعث الحياة بالوكالة البحرية للمكتب الشريف للفوسفاط، لمدة سنتين الى ان قرر المكتب الشريف للفوسفاط سنة 2021 إلى إنشاء وكالة بحرية خاصة أطلق عليها إسم “كوماطام” من أجل الاستمرار في خدمة البواخر المصدرة للأسمدة إلى جانب الوكلاء البحريين الخواص.
الإقصاء
لكن مباشرة بعد تأسيس “كوماطام” انطلقت في العمل باستراتيجية مغايرة تجاه الخدمات المقدمة للبواخر الوافدة على الموانىء المغربية التي توجد بها أرصفة المكتب الشريف للفوسفاط وأصبحت تستحوذ على جميع الخدمات المقدمة للبواخر وتقصي بشكل كلي الوكالات البحرية الخاصة من مباشرة عملها وتقديم خدماتها للسفن المصدرة للفوسفاط.
المثير في هذه القضية أن المداخيل التي تدرها الوكالات البحرية الخاصة جد محدودة وضئيلة جدا مقارنة مع مداخيل القطب الصناعي الرائد المكتب الشريف للفوسفاط الذي هو في غنى عن الفتات الذي تجنيه الوكالات البحرية الخاصة، وهو ما يطرح معه أكثر من سؤال حول الأهداف الحقيقية التي دفعت بالوكالة البحرية الخاصة “كوماطام” إلى الاستحواذ على خدمات بسيطة والتضييق على الوكالات البحرية الخاصة ومحاولة خنقها والدفع بها إلى الإفلاس، وهي أساليب وسلوكات بعيدة كل البعد عن الاستراتيجية التي ظل يتعامل بها المكتب الشريف للفوسفاط لعقود من الزمن مع الوكالات البحرية الخاصة.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح من يقرر داخل الوكالة البحرية “كوماطام” ويفتعل المشاكل ويدفع بقوة في اتجاه استحواذها على مختلف الخدمات البحرية والدفع بالوكالات البحرية الخاصة إلى الإفلاس؟وما مدى الأرباح التي سيجنيها المكتب الشريف للفوسفاط والوكالة البحرية “كوماطام” من استحواذها على هذه الخدمات البسيطة التي بإمكانها تنمية مداخيل أعداد كبيرة من الوكالات البحرية الخاصة والمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني.
سنعمق بحثنا، ولنا متابعة في الموضوع.