لكل شخص رحلته الخاصة. وكان الروائي السوداني الطيب صالح قد نقل للقراء رحلته “موسم الهجرة إلى الشمال“. أما لحسن فبدون أن يقرأ أو يسمع عن هذا العمل الإبداعي، عكس اتجاه بوصلته نحو إفريقيا جنوب الصحراء لممارسة مهنته كـ حلاق، في رحلة قادته عبر عدة محطات الى أن استقر به الحال في الكاميرون.
12 دولة
لرحلة لحسن عبر بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، محطات وتجارب ومواقف كثيرة. وبهيئته الصغيرة وملابسه الأنيقة وأسلوب حديثه الهادئ كما لو أنه لا يزال يبحث عن القوة التي أهدرها في السفر عبر ما يقرب من اثنتي عشرة دولة إفريقية، يمثل لحسن قصة نجاح الهجرة الى الجنوب.
يقول لحسن “لقد استخدمت كل وسائل النقل للوصول الى هنا … سيرا على الأقدام والدراجات النارية والدراجات الهوائية والحافلات وسيارات الأجرة … كل ما تبقى لي هو الطائرة والباخرة لإغلاق قائمة جميع وسائل السفر التي استخدمتها“.
ويضيف أنه وإن كان من محبي السفر والمغامرات إلا أنني “قمت بهذه المغامرة فقط لكسب لقمة العيش بالوسائل التي أملكها .. مقص ومشط”.
ووراء هذا الهدف النبيل، بدأ “ابن بطوطة” رحلته لغرب إفريقيا… المقارنة جريئة بعض الشيء لكنها تظل مع ذلك مشروعة.
بعد أن مكث في مدينة العيون لبضعة أشهر، حزم حقائبه وحط الرحال بالكركرات حيث أمضى أربعة أشهر، يقول لحسن.
ويضيف أن فضولا معينا كان يحفزه على اكتشاف إفريقيا وممارسة مهنته هناك وهو ما قاده إلى نواكشوط.
نواكشوط أولا
ويعد السفر أحد اهتماماته، فقد تنقل بين مدن كثيرة وحط الرحال في مناطق مختلفة، مشيرا الى أنه بدأ مهنة الحلاقة عن سن 13 سنة نقلا عن والده الراحل، وفي سن ال 17 غادر بلدته نحو شمال المغرب من أجل تحسين قدراته المهنية والمادية.
ويضيف ”اشتغلت في تاوريرت وكرسيف ووجدة وأحفير والسعيدية وبركان والناظور والحسيمة وتطوان وطنجة … قبل أن أقلب الوجهة جنوبا عبر مدن مختلفة .. وأمضيت ست سنوات في العيون ثم عدت الى الناظور حيث قضيت 20 سنة“.
ويقول لحسن إن القدر أملى إرادته لأعود مرة أخرى إلى العيون، ثم سرعان ما عرض على صديق كنت أعرفه في الكركرات الذهاب للعمل في نواكشوط فأعجبني الاقتراح وبدأت أفكر متى سأحزم حقيبتي مجددا.
ويضيف أنه في العاصمة الموريتانية اشتغل ل 4 أو 5 أشهر، قبل أن يأتيه عرض من امرأة من غامبيا لم يتردد. ولكن لدهشته لم يجد ما كان يتوقعه فقلب الاتجاه نحو السنغال.
وبعد وقت قصير في السنغال يقول لحسن توجهت إلى مالي ثم الكوت ديفوار.
ويقول إنه “خلال هذه الرحلة الرائعة، سافرت أزيد من 315 كلم” سيرا على الأقدام والباقي بالحافلة“.
الغابون وجهته المقبلة
لم تتوقف رحلته في مالي إذ سرعان ما سيقلب الاتجاه الى بوركينا فاسو وبعدها التوغو. ثم بنين ونيجيريا وأخيرا الكاميرون.
ويتذكر قائلا “كان علي أن أتعامل مع كل أنواع المغامرات والمخاوف .. من اعتداءات وهروب، لكن في كل مرة كنت محاطا بالعناية الإلهية وبفضل من الله نجوت لمرات”.
يشتغل لحسن حاليا حلاقا في الكاميرون حيث يقيم منذ سنوات، وأصبح لديه الكثير من المعارف لكن … لا ينوي التوقف عند هذا الحد، يقول إنه سيذهب يوما ما إلى الغابون لمقابلة رجل يعرفه جيدا.