تداعب الشابة نازك الكلبة “بيلا” العاجزة عن السير داخل محمية هي الأولى لمعالجة الحيوانات المشردة في العراق وإيوائها. يدير المحمية متطوعون يأملوا في توسيع المكان ليكون أول مستشفى بيطري للحيوانات الشاردة في العراق.
لا أحد يهتم
لايهتم العراقيون كثيرا بالحيوانات الأليفة، ما يجعل آلاف الكلاب والقطط ضحية حوادث سير أو معاملة سيئة. وهي تعيش وتتنقل في الشوارع بحثا عن الطعام.
قبل تأسيس “فريق إنقاذ الحيوانات في بغداد” للمحمية الواقعة في أطراف بغداد الغربية وافتتحاها الأسبوع الماضي، كانت تهتم نازك، وهي موظفة حكومية، بالحيوانات في منزلها. ومن بينها كلب أصيب بالشلل بعدما صدمته سيارة، إلى أن تحسنت حالته.
وقبل حوالى 15 عاما، قامت السلطات بحملة بأسلحة نارية لقتل آلاف الكلاب الشاردة، في بغداد على وجه الخصوص. لأن بلدية المدينة اعتبرت العاصمة أنذاك موبوءة.
لكن الآن، تقول ندى صالح، المتطوعة في الفريق المؤلف من خمسة أشخاص “أصبح لدينا هذا المكان، نجلب الحيوانات إليه لرعايتها”. وتضيف “حب الحيوانات هو السبب الرئيسي وراء تشكيل فريقنا”.
وتردف نازك (37 عاما) التي اكتفت بذكر اسمها الاول والتي تعمل موظفة في شركة خاصة “سنعالج كل أنواع الحيوانات في هذه المحمية ونطلقها عندما تتحسن حالتها لتعيش في الطبيعة مجددا “.
استهل الفريق نشاطه بإيواء ثلاثة كلاب وسبع قطط. بينها القطة “لولو” التي بتر أحد أطرافها والهر “زعتر” الذي فقد بصره في حادث دهس في منطقة الأعظمية في شمال بغداد.
التبرعات
يتنقل أعضاء الفريق بنشاط لإدارة المحمية التي تمتد وسط منطقة زراعية. بينهم وسام محمد (22 عاما) والحاصل على دبلوم في التمريض البشري.
ويقول هذا الشاب الذي دفعه حبه للحيوانات إلى الانضمام للفريق “أعالج الحيوانات وأقوم بحراسة المحمية” في الوقت نفسه.
وحتى تحقيق طموحات الفريق بتحويل المحمية إلى مستشفى بيطري متكامل، تنقل الحيوانات التي تحتاج إلى عملية جراحية أو رعاية أكثر، إلى عيادة طبيب بيطري خارجها.
وتقول سالي فيصل، وهي عضو بارز في الفريق “نتقلى اتصالات للإبلاغ عن حيوانات تعرضت للأذى جراء حوادث وننقلها ونعالجها ونتشارك نحن كفريق بدفع تكاليف علاجها”. وتضيف فيما تراقب إحدى القطط التي فقدت بصرها “إنها تتألم ولا تتكلم”.
وبعد تلقي الحيوانات العلاج، تعرض للتبني أو تبقى داخل الملجأ.
بنيت المحمية على مساحة 2500 متر وهي تضم جناحا من البناء الجاهز فيه غرفتان لإيواء الحيوانات ومعالجتها وباحة صغيرة. فضلا عن مبنى مقسم إلى مطبخ ومخزن وحمام. ويوجد كذلك قفص معدني كبير مغطى بقطع بلاستيك سميك، مساحته 100 متر مربع مخصص لإيواء الحيوانات التي تنهي مرحلة العلاج.
ومن خلال تبرعات، اشترى الفريق قطعة الأرض هذه في مقابل 25 مليون دينار (نحو 17 ألف دولار). وتروي نازك “لم نحصل على أي دعم حكومي، رغم نشر نشاطاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي”.
العائلة ترفض
قبل افتتاح هذه المحمية، نهاية الأسبوع الماضي، كان أعضاء الفريق يواجهون مضايقات ورفضا خصوصا من قبل عائلاتهم خلال رعايتهم حيوانات مريضة أو مصابة جراء حوادث طرق أو عنف في البيوت التي كانت تؤويها.
وفي ظروف مماثلة للظروف التي يعيشها العراق بينها صراعات سياسية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، تعد تربية الحيوانات أمرا ثانويا .
ويخلو العراق من المحميات المماثلة، باستثناء محميات لحيوانات برية كالغزلان، لحمايتها من الصيادين والمحافظة على أعدادها. ويبلغ عدد هذه المحميات ثلاثا، وفق الناطق باسم وزارة الزراعة حميد النايف وهي “موجودة في محافظات ديالى وميسان والمثنى” في وسط العراق وجنوبه.
كما بدأ إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق منتصف العام 2016 إنشاء محمية واسعة في أربيل، كبرى محافظات الإقليم، لكن العمل لم يكتمل حتى الآن، وفقا لمصادر في الإقليم.
وتأمل سالي في أن توسع المحمية لتؤوي عددا أكبر من الحيوانات. وتقول “نحتاج الى غرف صغيرة للكلاب وأخرى للجراء وأخرى للقطط (…) للأسف ليس هناك من يساعدنا ويدعمنا”.
بدورها، أعربت نازك عن أملها في “الحصول على مساعدات من الجميع للمحمية، لان الفريق لا يمكنه تغطية حاجة الكم الهائل من الحيوانات المظلومة”، مؤكدة في الوقت ذاته ضرورة “تنظيم حملة توعية لوقف إيذاء الحيوانات، لأنها بريئة”.