أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أمس الإثنين بمجلس النواب، أن النصف الثاني من الولاية الحكومية، سيشكل مجالا خصبا لمضاعفة الجهود القطاعية واستغلال الفرص المتاحة أمام بلادنا، والتطلع إلى مشروع مجتمعي مندمج يجمع كافة مقومات النجاح.
وأضاف رئيس الحكومة خلال الجلسة العمومية للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة، قائلا: “لم ندخر جهدا، في مواكبة الحاجيات المتعلقة بسوق الشغل، وفي الارتقاء بمستوى عيش الأسر المغربية، على نحو يجعلها قادرة على الاستجابة لمتطلبات الحياة والتغلب على تحدياتها”.
في هذا الصدد، أكد أخنوش أن هذه القناعة الحكومية تتجدد، إيمانا بكون موضوع التشغيل بكل أبعاده الاجتماعية والمؤسسية، سيحتل مكانة الصدارة خلال ما تبقى من عمر هذه الحكومة، مؤكدا أن ما تحقق في مجال إنعاش الشغل ببلادنا، خلال السنتين السابقتين، ساهم مرحليا في التخفيف من أزمتي كوفيد والجفاف، مشيرا إلى أن من مكتسباته بلوغ طاقة تشغيلية تجاوزت 620.000 منصب شغل، وامتصاص نسب البطالة الناتجة عن أزمة كوفيد-19 وما تلاها من تحديات ظرفية مركبة.
وتابع: “مع تسجيل بعض التراجعات في مجال التشغيل الفلاحي، وفقدان مناصب شغل مرتبطة بظروف النشاط الفلاحي في العالم القروي، بفعل تظافر العديد من العوامل المناخية والطبيعية الصعبة”.
وزاد قائلا: “لا يفوتني التذكير في هذه المناسبة الدستورية، على أن التعاطي الحكومي مع قضايا تشغيل الشباب والرفع من نسب انخراطهم في ميدان الشغل، لم يكن أبدا مجرد شأن عرضي أو ذو طابع ثانوي، بل تم منحه المكانة التي يستحق، وجعله الهدف الأسمى لكل البرامج والتدخلات العمومية”.
في سياق متصل، أشار أخنوش إلى أن ما حققته مختلف الاستراتيجيات الوطنية التي تم اعتمادها منذ بداية الولاية، من نجاحات كبرى ومن تقدم هام، سينعش بلا شك توجه الحكومة خلال السنوات المقبلة نحو تيسير شروط الإدماج الاقتصادي في وجه الفئات الباحثة عن مناصب شغل، لتمتيعهم بأعلى مستوى ممكن من العيش الكريم، مبرزا أن هذا هو المسار الذي سيتيح التغلب على الصعاب مهما كان حجمها، كما سيمكن من رفع سقف آمالنا وطموحاتنا المستقبلية.
وأعرب عن اقتناعه التام، بأن الحصيلة المرحلية المشرفة للعمل الحكومي، ما هي إلا مداخل حقيقية تعبر عن عمق الطرح الحكومي في تبني حلول هيكلية لقضايا التكوين والشغل والاندماج المهني، لا سيما من خلال مواصلة إنجاز برنامج مدن المهن والكفاءات وتزويدها بشعب ذات إمكانات تشغيل عالية، مضيفا أن سنة 2023 عرفت افتتاح 4 مدن جديدة للمهن والكفاءات، ستوفر 100 شعبة في 13 قطب مهني، بسعة استقبال تقدر بـ 12.780 مقعد بيداغوجي، مع الالتزام بفتح 3 مدن جديدة للمهن والكفاءات في الموسم الدراسي 2023-2024، وإتمام الأشغال بجهة الداخلة وادي الذهب.
وأضاف أنه نفس المنحى الإيجابي الذي ميز عمل الحكومة، عندما يتعلق الأمر بالديناميات القطاعية الواعدة ببلادنا، لاسيما النجاحات المحققة في مجالات السياحة والصناعة والصناعة التقليدية والفلاحة.
في هذا الإطار، أبرز المكتسبات الكمية والنوعية التي يعرفها حجم الصادرات المغربية وتعزيز علامة “صنع في المغرب”، حيث يبلغ اليوم ما يناهز 43 مليار دولار سنويا، خاصة في صناعة السيارات وصناعة الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة، إضافة إلى المواد الإلكترونية والصناعات الغذائية وصناعة النسيج والجلد، يؤكد بالملموس جدارة العمل الحكومي في هذه القطاعات الحيوية.
علاوة على، يضيف رئيس الحكومة، الانتقال النوعي المنجز في قطاع السياحة، الذي عرف استقطاب أزيد من 14,5 مليون سائح بعائدات قياسية بلغت أزيد من 105 مليار درهم، كان لها إسهام مباشر في تحقيق إقلاع فعلي للقطاع، واستقطاب نسب عالية من اليد العاملة المتخصصة في مهن الفندقة والسياحة.
وبفضل كل هذه الجهود، أشار أخنوش إلى أن الأنشطة غير الفلاحية مكنت من خلق فرص شغل صافية بلغت 116.000 منصب شغل، كمتوسط سنوي خلال سنتي 2022 و2023، على الرغم من التحديات المسجلة، وهو معدل أعلى من متوسط صافي المناصب المحدثة في هذه الأنشطة خلال الفترة 2010-2015 والتي لم تتجاوز 58.000 منصب شغل، في حين استقرت عند 66.000 بين سنتي 2016-2021.
وذكّر كذلك بالمجهودات الحكومية المتواصلة لتنزيل دعامات الجيل الأخضر، والتي تروم منح الأولوية للعنصر البشري وتعزيز الإنتاج الفلاحي والرفع من تنافسيته، مشيرا إلى أن القطاع الفلاحي يفتح المجال أمام مسارات واعدة للاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص في أفق الرفع من القيمة المضافة الفلاحية وتوفير فرص شغل قارة وذات جودة.
وأكد على الانفتاح المستمر على انتظارات الشباب حاملي المشاريع والأفكار المقاولاتية، عبر خلق وتفعيل 12 مركزا جهويا للمقاولين الشباب في قطاع الفلاحة والصناعات الغذائية، لتقديم المواكبة التقنية للمقاولين الشباب طوال عملية إحداث مشاريعهم، مشددا على أن الأرقام التي تم تسجيلها خلال الربع الأول من السنة الجارية، من شأنها تعزيز طموحنا في جعل قطاع التشغيل على رأس الأولويات خلال ما تبقى من عمر هذه الولاية الحكومية.
وأشار إلى أن نجاعة الخيارات التي باشرتها الحكومة من خلال جعل الاستثمار آلية لخلق فرص الشغل اللائق، خاصة عبر تشجيع المشاريع المواكبة للتطور الاجتماعي والاقتصادي لبلادنا، بما يتلائم مع التحولات التي يشهدها محيطنا الإقليمي والدولي.
وأورد أخنوش أن الربع الأول من سنة 2024 عرف انتعاشا في القدرة التشغيلية لكل القطاعات الإنتاجية، حيث تم خلق ما يزيد عن 63.000 منصب شغل في قطاع الخدمات، وتسجيل ما يناهز 34.000 منصب شغل جديد في القطاع الصناعي، بما في ذلك الصناعة التقليدية، إضافة إلى تسجيل مؤشرات تؤكد عودة الانتعاش للقطاع الفلاحي، على مستوى خلق فرص الشغل.