“يتعين على الصين والهند تعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة والتركيز على التعاون وإعادة وضع العلاقات الثنائية في أقرب ممكن على مسار تنمية سليم ومستقر”.
بهذه العبارات كان الوزير الصيني وانغ يي قد لخص حالة العلاقات بين البلدين الأكثر سكانا بالعالم عندما أجرى محادثات صيف 2023 مع مستشار الأمن القومي الهندي اجيت دوفال.
ولا تزال عبارات رئيس الدبلوماسية الصينية ذات راهنية، لأنها تقول الكثير عن التنافس، الذي يجد خلفيته في التوتر الظاهر الذي يخيم على العلاقات بين بكين ونيودلهي.
هذا التنافس يتصدر عناوين الصحف، لاسيما في الغرب، حيث يتم متابعة الصعود السريع للصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بشيء من التوجس، والتي تطمح لتأكيد مكانتها كفاعل لا محيد عنه على المستوى الدولي في بيئة متعددة الأقطاب.
وبحسب تصريحات رسمية، ما فتئت الصين تجدد التأكيد على الأهمية التي توليها لتعزيز العلاقات مع دلهي. لكن غياب سفير صيني بالهند لأكثر من 16 شهرا أثار التكهنات بشأن التوتر بين البلدين.
وظل المنصب شاغرا منذ رحيل السفير الصيني السابق لدى الهند، سون ويدونغ، الذي تم تعيينه في منصب وزاري في نونبر 2022.
ويتزامن غياب سفير صيني في دلهي، وهو الأطول منذ سنة 1976، مع تدهور في العلاقات بين البلدين اللذين تواجها عسكريا في يونيو 2020 في منطقة حدودية، وذلك بحسب ما كتبت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست.
وأشارت الصحيفة نقلا عن الخبير في الشؤون الهندية بمركز بلدية شنغهاي للدراسات الدولية وانغ ده هوا إلى أن الغياب الطويل لمبعوث صيني كبير يبرز التأثير الذي سببته التوترات الحدودية على العلاقات بين البلدين.
وأضاف أنه “شيء نادر جدا في تاريخ العلاقات الصينية الهندية، ومؤشر مثير للقلق يجعل من الصعب على كلا الجانبين تدبير خلافاتهما، خاصة عندما تكون العلاقات في أدنى مستوياتها”.
ويتجاوز التوتر الصيني الهندي النزاع الحدودي الذي يظل، في رأي الخبراء، “سهل الحل” من خلال حل مقبول من الطرفين، ليشمل قضايا ذات أهمية استراتيجية كبيرة، لأنها تقع ضمن تنافس ايديولوجي وجيوستراتيجي أكبر بين الصين والولايات المتحدة، القوة الأولى بالعالم.
ويشير محللون إلى أنه سيكون من الأفضل للصين أن تبقى في حالة حياد مع الهند في سياق تنافسها مع الولايات المتحدة، لا سيما سياسة فك الارتباط التي ينهجها الغرب تجاه الاقتصاد الصيني.
ويقول الباحث في مركز جنوب آسيا والصين بمعهد شنغهاي للدراسات الدولية ليو زونجي إنه “حتى لو كان من الممكن حل قضايا الحدود، فأنا لست متفائلا بإمكانية تحسن العلاقات الثنائية في المستقبل القريب”.
وبحسب ليو، فإن بكين منشغلة إزاء السياسات الهندية المتزايدة في تقييد الاستثمار الصيني، في الوقت الذي تسعى فيه نيودلهي لفصل نفسها اقتصاديا عن جارتها، وحتى استبدالها في سلسلة التوريد العالمية كمصنع للعالم.