كشف عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أن هذه الأخيرة تعمل على نهج مقاربة جديدة، تروم إحداث تغييرات جوهرية في المنظومة التربوية، يصل صداها إلى قلب الأسرة المغربية، معتبرا أن الأسرة هي المعني الأول بغايات الإصلاح الشمولي الذي تتبناه الحكومة تدعيما لأسس الدولة الاجتماعية، فضلا عن تعميم التعليم الأولي على جميع الأطفال، وضمان تكافؤ الفرص بينهم.
في هذا الإطار، أكد أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة المنعقدة اليوم الاثنين بمجلس النواب حول السياسات العمومية، أن الحكومة تحرص على مواكبة الأسر وتشجيعها على تتبع تمدرس أطفالها في ظروف لائقة تضمن الكرامة والمساواة، حيث تشكل متابعة الدراسة عاملا مهما في الحصول على القيمة الكاملة للدعم الاجتماعي المباشر الذي اطلقته الحكومة.
وأبرز أن الحكومة تحترم الأجندة التي سطرها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حيث باشرت مع متم شهر دجنبر الماضي، صرف أولى دفعات برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، الذي يستهدف الأسر التي لها أطفال أقل من 21 سنة، تنطلق قيمته من 200 درهم شهريا لكل طفل متمدرس سنة 2024، لتصل إلى 300 درهم شهريا في أفق 2026، علما أن الدعم الاجتماعي المباشر لا تقل قيمته عن 500 درهم شهريا لكل أسرة مستوفية لشرط العتبة، كيفما كانت تركيبتها.
وسعيا منها للرفع من جودة وتعزيز جاذبية المؤسسات التعليمية العمومية، وتجاوز الاختلالات التي تعرفها سواء على مستوى الممارسات البيداغوجية، أو التجهيزات الأساسية، أو تكوين الأساتذة، أشار أخنوش إلى أن الحكومة عملت على تفعيل لمقتضيات القانون الإطار، من خلال إطلاق مشروع المؤسسة تحت شعار “مؤسسات الريادة”، مشيرا إلى أن هذا المشروع يبتغي تظافر جهود الجميع، من أجل تجويد المدرسة العمومية، وأن الحكومة ستعمل على تعميمه بكيفية تدريجية، في أفق سنة 2026.
ورغبة من الحكومة لتجاوز التفاوتات بين التلاميذ على مستوى تعلم اللغات، أفاد أخنوش إلى أنها عملت على تعزيز التعددية اللغوية بكيفية متوازنة تضمن تحقيق تكافؤ الفرص بين أبناء المغاربة، كما عملت على تجديد طرق التدريس باللغتين العربية والأمازيغية، بالإضافة إلى اللغات الأجنبية، والاعتماد على الوسائل الحديثة لتمكين التلاميذ من الاطلاع على محتويات موحدة.
وفي هذا السياق، أبرز أخنوش أنه تم الشروع في تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس الابتدائية، مشيرا إلى أن هذا ما مكن من إدماجها في ثلث مؤسسات التعليم المدرسي الابتدائي، حيث “يستفيد من تعلم الأمازيغية أزيد من 745.000 تلميذ وتلميذة، وهو ما يمثل 19.5% من مجموع تلاميذ السلك الابتدائي، كما عملت الحكومة على توسيع تدريس اللغة الإنجليزية بالنسبة ل28 % من التلاميذ في السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي و 62% في السنة الثانية منه”، حسب قوله.
وقال رئيس الحكومة: “إن إيماننا بأهمية معالجة القضايا المتراكمة التي يعاني منها قطاع التربية والتكوين، لا يضاهيه إلا استشعارنا للمسؤولية الوطنية تجاه بنات وأبناء وطننا، وضرورة تعبئة كل الطاقات والإمكانيات لتدارك الزمن الدراسي المهدور”، يضيف أخنوش.
ومن هذا المنطلق، أكد عزيز أخنوش أن الحكومة واعية بأن تدارك زمن التعلمات الضائع، يستلزم مقاربة قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، لتحقيق مبدإ تكافؤ الفرص بين جميع أبناء المغاربة، مشيرا إلى أن الوزارة اعتمدت، بشكل سريع ومستعجل “خطة وطنية لتأمين الزمن المدرسي والتنظيم التربوي للتعلمات”.
ووعيا من الحكومة بما يقتضيه استكمال مسار تحول المدرسة العمومية، أكد أخنوش أن الجميع مدعو، حكومة وفاعلين ترابيين وفرقاء اجتماعيين واقتصاديين وآباء وأولياء التلاميذ للانخراط في تعبئة جماعية ومسؤولة، لتنزيل مقاربة متوسطة وطويلة الأمد، تستهدف الرفع من مستوى تعلمات جميع الأطفال، وضمان حقهم في تعليم جيد ومنصف.
على صعيد آخر، نوه أخنوش بالجهود الحكومية المبذولة إبان زلزال الحوز، لضمان استئناف الدراسة لفائدة تلاميذ الأقاليم الخمسة المتضررة من الزلزال بالسرعة والنجاعة المطلوبتين، مشيرا إلى أنه تم، في وقت قياسي، تجنيد مختلف المؤسسات والوسائل والحاجيات، لإعادة ترميم البنيات التحتية المدرسية المتضررة، أو استبدال جزء كبير منها بوحدات تعليمية مؤقتة على شكل خيام، بالتعاون مع القوات المسلحة الملكية، إضافة إلى نقل المئات من التلاميذ إلى مدارس مدينة مراكش في غضون الأيام الأولى التي تلت الكارثة.
كما عبر عن امتنانه وشكره لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي أبى كعادته إلا أن يشمل بعطفه ويعطي تعليماته السامية من أجل التكفل الفوري بالأطفال اليتامى الذين فقدوا أسرهم، ومعظمهم من التلاميذ، وذلك بمنحهم صفة مكفولي الأمة، “وهو ما تفاعلت معه الحكومة والبرلمان بشكل فوري، من خلال الإصدار والمصادقة على مشروع قانون رقم 50.23، الذي يمكنهم من الاستفادة من الدعم المادي والمعنوي الممنوح من طرف الدولة”، حسب تعبير أخنوش.
ومن جهة أخرى، أكد رئيس الحكومة أن الهدر المدرسي يطرح تحديات حقيقية للمنظومة التربوية، بالنظر لما له من انعكاسات سلبية على وضعية التلاميذ المنقطعين، وكلفته الاجتماعية والاقتصادية على بلادنا، معتبرا أنه يمثل أحد أبرز مظاهر التراكمات السلبية التي ورثتها الحكومة، والتي مافتئت تبذل مجهودات جبارة للحد من هذه الظاهرة.
وفي هذا الصدد، واستكمالا للإجراءات المتخذة، كشف أخنوش أن الحكومة عملت على توسيع منظومة المدارس الجماعاتية، من خلال تجميع المدارس الفرعية في الوسط القروي باعتبارها ضمانة مهمة للتقليص من معدلات الهدر المدرسي، خصوصا لدى الفتاة القروية.
وأفاد أن الجهود الحكومية مكنت من بلوغ ما مجموعه 308 مدرسة جماعاتية خلال الموسم الدراسي 2022-2023، مقابل 226 خلال الموسم 2021 2022، أي بزيادة 136%.
ولتوسيع العرض التربوي، أفاد اخنوش أن الحكومة عملت على تعزيز العرض المدرسي بإحداث 237 مؤسسة تعليمية جديدة، 65% منها بالوسط القروي، ليبلغ إجمالي المؤسسات التعليمية برسم الموسم الدراسي الحالي 12.198 مؤسسة تعليمية عمومية منها 6.795 بالوسط القروي.
ومن أجل ترسيخ ثقافة غذائية سليمة تحترم حق التلاميذ في أغذية جيدة ومتوازنة، أشار أخنوش إلى أن الحكومة حرصت كذلك على تعميم التدبير المفوض لخدمة الإطعام المدرسي مع بداية الموسم الدراسي الحالي، وذلك بهدف تحسين جودة الوجبات المقدمة بالمطاعم المدرسية، لتجاوز القصور ومعالجة الصعوبات التدبيرية السابقة.
كما شهد عدد المستفيدين من المطاعم المدرسية برسم الموسم الدراسي الحالي تطورا ملحوظا، حيث أكد أخنوش أنه يبلغ أزيد من 1.165.000 تلميذة وتلميذ، مع استفادة 127.000 منهم من الخدمات الكاملة للداخليات، وتعميم خدمات النظافة والحراسة بالمؤسسات الثانوية، وب %50 من المدارس الابتدائية.
هذا وستعمل الحكومة، يضيف أخنوش، على توسيع الخدمات المتعلقة بالنقل المدرسي، وتعميم بعض التجارب الناجحة بشراكة مع المجالس المنتخبة، بالنظر لما تشكله خدمة النقل المدرسي من دور هام في تخفيف المعيقات الاجتماعية والاقتصادية والمجالية التي تحول دون تمدرس الأطفال خاصة بالوسط القروي.
واستحضار رئيس الحكومة بعض التجارب الناجحة في هذا المجال في بعض المناطق، بكل من الرباط، وتمارة، وسوس، وحتى بعض التجارب في جهة طنجة تطوان الحسيمة.
وقد مكنت الإجراءات المتخذة في هذا المجال من استفادة ما يناهز 600.000 تلميذة وتلميذ من النقل المدرسي بنسبة تطور تفوق 11 %، كما صرح أخنوش.
وإيمانا من الحكومة بأهمية الرياضة المدرسية ودورها في التربية على المواطنة والقيم، وبهدف جعلها خزانا تستمد منه الرياضة الوطنية الطاقات والمواهب الرياضية، قال أخنوش إنها عملت على وضع مشروع متكامل للارتقاء بالرياضة المدرسية يسعى إلى إعداد الظروف والشروط اللازمة لممارسة الأنشطة الرياضية المدرسية، ودعم وتشجيع ممارسة الرياضة المدرسية لجميع المتعلمات والمتعلمين بمختلف المستويات والارتقاء بالنخبة الرياضية المدرسية .
كما حرصت الحكومة، يضيف أخنوش، على تعميم مسارات ومسالك “دراسة ورياضة” على كل جهات المملكة، حيث أشار إلى أن عدد المستفيدين عرف تطورا ملموسا على مستوى التخصصات وعدد المؤسسات المحتضنة له، حيث انتقل من 150 تلميذ وتلميذة إلى أزيد من 6.000 موزعين على 35 تخصص رياضي.
وأوضح أخنوش إلى أن هذا المشروع الطموح يهدف لإحداث بنية تربوية دراسية لتمكين المتعلمات والمتعلمين الرياضيين الموهوبين، من الجمع بين الاستفادة من التكوين الرياضي والمعرفي.