يشكل موقع بادس الأثري، ذو الحمولة التاريخية الكبيرة، بحكم موقعه الاستراتيجي الواقع بالقرب من جزيرة بادس على بعد نحو 6ر13 كلم من الطريق الساحلي الرابط بين الحسيمة وتطوان، واحدا من المعالم السياحية البارزة بإقليم الحسيمة ومنطقة الريف عموما.
***
تستقطب هذه المعلمة الفريدة من نوعها التي شيدت من طرف قبيلة زناتة التابعة لإمارة النكور في بداية القرن الثاني عشر، العديد من الباحثين والمستكشفين والزوار المغاربة والأجانب الذين يتوافدون على الموقع لاكتشاف سحر وجمالية هذه الجوهرة الأثرية وخصوصياتها الفريدة والمتنوعة.
ومن أجل تمكينه من الاضطلاع بالأدوار المنوطة به في مجال التنمية المستدامة، خضع هذا الموقع الأثري لعملية تهيئة وترميم واسعة النطاق بين شهري يونيو 2018 ويوليوز 2020، ضمن برنامج التنمية المجالية “الحسيمة منارة المتوسط”، همت ترميم البوابة الرئيسية للموقع، وتهيئة وترميم الجزئين الجنوبي والشمالي من الجدار المحيط بالمدينة.
كما شملت عملية التهيئة والترميم، المنجزة بشراكة بين وزارة الثقافة ووزارة الداخلية بمبلغ إجمالي ناهز 6ر2 مليون درهم، تهيئة الموقع باللوحات التشويرية التي تعرف بالأجزاء والعناصر التي شملتها عملية الترميم، وتزيين الموقع برسومات تلقي الضوء على أبرز المحطات التاريخية لمدينة بادس الأثرية.
***
وكان للسلطان الموحدي محمد بن يعقوب بن يوسف الملقب بالناصر دور هام في ازدهار المدينة حيث قام في القرن ال 12 ببناء سور يحيط بالمدينة قصد حمايتها، وإنشاء مجموعة من المكونات الهامة لكل مدينة كالمسجد والقصبة والأسواق والأحياء، فضلا عن إنجاز مجموعة من الأوراش الخاصة بصناعة السفن، التي شكلت أحد أبرز الصناعات التي ميزت المدينة على الدوام.
كما اضطلعت مدينة بادس بأهمية تجارية كبيرة حيث شكلت قبلة للمبادلات التجارية مع السفن القادمة من جنوب فرنسا وإيطاليا وعرفت ازدهارا كبير دام فترة طويلة من الزمن، إلى حين سقوطها سنة 1564 ميلادية في يد الإسبان.
***
وأوضحت أميمة أبرشا، محافظة مساعدة للمباني التاريخية والمواقع بإقليم الحسيمة، أن عملية ترميم وتهيئة موقع بادس الأثري تندرج في إطار استراتيجية وزارة الثقافة والشباب والرياضة (قطاع الثقافة) الهادفة إلى صيانة وحماية التراث الثقافي الغني والمتنوع لإقليم الحسيمة وتثمينه حتى يقوم بدوره كرافد من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
وأضافت أبرشا أن ترميم الموقع سيسهم في النهوض بالسياحة البحرية والجبلية والقروية بإقليم الحسيمة، بالنظر إلى قرب الموقع من البحر الأبيض المتوسط ومياهه الزرقاء، مما سيكون له وقع إيجابي على التنمية بالمنطقة ويحولها إلى قبلة متميزة للسياح المغاربة والأجانب. والأكيد أن ترميم موقع بادس اثري، الذي ينضاف إلى عدد من المواقع الأثرية الهامة بإقليم الحسيمة التي شملتها عملية الترميم كقلعة أربعاء تاوريرت وموقع الطوريس وقصبة سنادة، وغيرها من المواقع، سيسهم من دون أدنى شك في وضع إقليم الحسيمة ضمن خارطة الوجهات السياحية المتميزة بشمال المملكة وتقوية وتعزيز المنتوج السياحي الغني والمتنوع للإقليم.