يطمح مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين (كوب 28 )، المقرر عقدها ما بين 30 نونبر الجاري، و12 دجنبر المقبل بدبي بالإمارات العربية المتحدة، الى صياغة خارطة طريق دقيقة تجسد إرادة العالم للحد من الاحتباس الحراري، وإنقاذ الحياة الطبيعية على كوكب الأرض.
ولا شك أن قادة الدول ورؤساء الحكومات والخبراء والفاعلين من مختلف دول العالم، من بينهم المغرب، سينكبون خلال هذه الدورة الجديدة من مؤتمر المناخ، على إجراء تقييم لمدى التقدم المحرز في تنفيذ مخططات العمل المناخي لمواجهة الاحتباس الحراري، ومعالجة القضايا البيئية المختلفة، بما يتيح تبني مخطط واقعي لتسريع الانتقال من الطاقة الأحفورية، وتقليل الاعتماد عليها الى مصادر جديدة للطاقات النظيفة، بما يمكن من تثبيت مستويات انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.
ومع تزايد القناعة سواء لدى العلماء أو الخبراء، بأن الكوكب الذي يحتضن العالم بات مهددا بكارثة مناخية، في مقابل تباطؤ ردة فعل دول المعمور لدرء الكارثة، وإنقاذ حياة الانسان والحيوان والنبات على البسيطة، فإنه أضحى لزاما على الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية حول تغير المناخ، إحراز تقدم ملموس في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، والتي تتسبب فيها الدول الصناعية، وتتحمل تبعاتها البلدان الفقيرة، فضلا عن القيام بمحاولات جادة للتوصل الى تعهدات حاسمة من اجل التعاطي مع التحدي المناخي.
ولعل من ضمن أولويات مؤتمر (كوب 28 ) الأكثر إلحاحا، والتي تم التركيز على تحقيقها منذ مؤتمر باريس للمناخ في 2015، الحد من ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، وهو المعدل الذي يرى العلماء والخبراء إن تم تجاوزه سيجعل من الصعب على البشر التعامل مع العواصف الشديدة والجفاف والحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر، فضلا عن استمرار ارتفاع حرارة كوكب الارض.
الى ذلك يتوخى مؤتمر (كوب 28 ) الذي يشارك فيه مندوبون وممثلون لحوالي 200 دولة، حث دول العالم على إنشاء صندوق لتعويض الدول الفقيرة المتضررة من تغير المناخ، إضافة الى دعوة الدول الغنية الى الوفاء بالتزامها بتوفير تمويل سنوي للمناخ بقيمة 100 مليار دولار.
وفي هذا الصدد، قال الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف (كوب 28) وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الاماراتي، سلطان آحمد الجابر في تصريحات صحفية إنه يتعين على المشاركين في المؤتمر وضع أهداف لمضاعفة مصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة إنتاج الهيدروجين بحلول 2030، مشيرا الى أن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري يعد مسألة حتمية.
وأكد الحاجة الملحة لزيادة التمويل المخصص للمناخ، من أجل تحقيق الأهداف العالمية الخاصة بالمناخ والتنوع البيولوجي والتنمية المستدامة، مبرزا أنه من أجل تحقيق هذه الأهداف يجب جمع وتحفيز رأس المال على جميع المستويات الحكومية والخاصة والخيرية، باعتبار ذلك من أهم عوامل التمكين الحاسمة في العمل المناخي.
ويهدف مؤتمر (كوب 28 ) الذي سيحضره أزيد من سبعين الف مشارك، صمنهم قادة دول ورؤساء حكومات، وقادة قطاع الصناعة، والقطاع الخاص والشباب، فضلا عن ممثلين للقطاعين العام والخاص إلى دعم تسريع إنجاز انتقال منظم وعادل ومسؤول في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، والتركيز على الحفاظ على البشر والحياة وتحسين س بل العيش.
وسيستهل مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ أشغاله بالقمة العالمية للعمل المناخي التي ت عقد لمدة يومين، وتقدم خلالها أول استجابة لنتائج الحصيلة العالمية إلى قادة العالم لأخذ موافقتهم على التعهدات اللازمة وضمان تحقيق مبدأ الإشراف والمتابعة.
ويخصص (كوب 28 ) يوما للصحة والإغاثة والتعافي والسلام لأول مرة في مؤتمرات الأطراف، كما سيركز لأول مرة على دور التجارة والتمويل أيضا .
ويضع المؤتمر في مقدمة أولوياته احتياجات المجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات المناخ، حيث يركز على سبل تحقيق تقدم ملموس باستخدام الحلول التمويلية والتكنولوجية المبتكرة.
وبما أن آثار تغير المناخ أضحت بادية للعيان في كل مناطق العالم، فانه بات من الضروري خلال مؤتمر (كوب 28 )، بعد تقييم جاد للتقدم المحرز، اتخاذ تدابير فورية لإنقاذ كوكب الأرض .
وفي هذا السياق، سينكب المؤتمرون على دراسة تنشيط سبل التكيف مع آثار تغير المناخ والتمويل، وعقد قمة شاملة لجميع الأطراف، ودعم المجتمعات التي تعاني أكثر من غيرها، وخلق أ طر عمل للاتفاقيات المستقبلية.
ومن أجل تحقيق ذلك، يناقش المؤتمر القضايا ذات الصلة بخفض الانبعاثات، وتطوير التزامات مناخية أقوى، وتحقيق الالتزامات السابقة، ووضع قطاع الزراعة في قلب العمل المناخي.