بعد سنوات من الأشغال المعقدة والتأخيرات المتكررة، ينطلق برشلونة أخيرا في مرحلة جديدة مع إعادة افتتاح ملعب كامب نو الذي أعيد بناؤه جزئيًا، ليطوي صفحة طويلة من الإحباط ويبدأ أخرى مليئة بالآمال والطموحات.
رغم العودة المنتظرة، فإن المشروع الضخم لا يزال بعيدًا عن الاكتمال. فعمليات إعادة الإعمار ستستمر حتى صيف 2027، أي بعد عام من الموعد المحدد، حيث سيتم تركيب سقف الملعب الجديد. وبينما يتطور المشروع تدريجيًا، يعيش الفريق نفسه مرحلة انتقالية مماثلة تحت قيادة الألماني هانزي فليك الذي حقق ثلاثية محلية الموسم الماضي، لكنه أخفق في بلوغ نهائي دوري الأبطال بعد سقوط مثير أمام إنتر ميلان.
وكما تدهور مستوى الفريق رياضيًا منذ 2015، عانى كامب نو من التآكل والإهمال لسنوات، وفقد الكثير من بريقه التاريخي. أما على أرض الملعب، فقد أثقلت الصفقات الفاشلة — مثل كوتينيو وديمبيلي — كاهل النادي بديون ضخمة، تزامنًا مع رحيل أسطورته ليونيل ميسي عام 2021، في محطة لا تزال تلقي بظلالها على العلاقة بين اللاعب والإدارة.

مشروع بـ1.5 مليار يورو…
بالنسبة للرئيس جوان لابورتا، فإن إعادة بناء كامب نو كانت ضرورة اقتصادية وليست مجرد خيار. فقد اعتبر أن “الملعب الجديد” هو الضمان الوحيد لاستدامة مالية طويلة الأمد، خاصة بعد الأزمة التي عاشها النادي خلال السنوات الأخيرة.
ولتنفيذ المشروع، فعّل لابورتا ما يعرف بـ”الرافعات المالية” سنة 2022، ما سمح للنادي بالتعاقد مع لاعبين بارزين مثل ليفاندوفسكي ورافينيا، إلى جانب بروز جيل جديد بقيادة الموهبة الاستثنائية لامين جمال.
تأمل إدارة برشلونة في أن تشكل العودة إلى كامب نو دفعة مالية مباشرة. فميزانية موسم 2025-2026 تتوقع زيادة قدرها 51 مليون يورو من عائدات الملعب.
لكن الطريق لم يكن سهلاً، إذ اضطُر النادي إلى خوض مباراتين هذا الموسم في ملعب التدريب “يوهان كرويف” بعدما تأخر الحصول على التصاريح الأمنية الخاصة باستخدام كامب نو.
وسيكون الافتتاح التدريجي للملعب بسعة 45,401 متفرج فقط، بينما لم يُبنَ الطابق العلوي بعد. وعند اكتمال المشروع سيصل إلى 105 آلاف متفرج، ليصبح الأكبر في أوروبا. ورغم تأخر الأشغال، تبقى العودة “حدثًا تاريخيًا”، بحسب لابورتا، الذي قال لإذاعة “راك 1”: “هذه عودة إلى المستقبل… سنستعيد أفضلية الأرض التي افتقدناها في مونتجويك”.
تحديات جماهيرية ورياضية
ملعب مونتجويك الأولمبي، الذي احتضن مباريات الفريق مؤقتًا، لم يوفر أجواء كامب نو بسبب بعد الجماهير عن أرضية اللعب. ويضاف إلى ذلك الخلاف المستمر مع مجموعة “غرادا دانيماسيو” الخاصة بالغناء والتشجيع، ما قد يؤخّر استعادة الملعب لأجوائه الأسطورية.
مع ذلك، يتطلع لاعبو برشلونة — وفي مقدمتهم لامين جمال — إلى العودة إلى الملعب الذي يعتبرونه “موطن التاريخ”. وقد كتب المراهق الشاب عبر إنستغرام: “مونتجويك كان البداية… كامب نو هو المكان الذي سيُكتب فيه التاريخ”.
كامب نو الجديد مرشح بقوة لاستضافة نهائي كأس العالم 2030، التي ستقام في إسبانيا والبرتغال والمغرب، وهو ما يعزز قيمته الرياضية والاقتصادية.
ورغم كل الانتقادات، يؤكد لابورتا أن المشروع يستحق كل التضحيات: “هذا هو الإرث الذي سنتركه للأجيال القادمة… أفضل ملعب في العالم”.
https://www.facebook.com/share/v/1BY5poYv4g/