كشفت دراسة علمية حديثة نشرتها المجلة الطبية البريطانية BMJ أن الأطباء والممرضين الأجانب الذين عملوا في مستشفيات قطاع غزة وصفوا الإصابات التي عاينوها بأنها “الأسوأ على الإطلاق” مقارنة بما شهدوه في نزاعات أخرى حول العالم.
وشملت الدراسة، التي خضعت لمراجعة الأقران، ردود 78 عاملا في مجال الصحة الإنسانية معظمهم من أوروبا وأمريكا الشمالية. وأكد ثلثا هؤلاء أنهم سبق لهم العمل في مناطق نزاع أخرى، لكنهم أجمعوا أن الإصابات في غزة كانت أكثر حدة وغير مسبوقة من حيث شدتها وانتشارها.
وبحسب الدراسة، فقد صنفت أكثر من 23,700 إصابة بالغة ونحو 7,000 إصابة ناجمة عن أسلحة بين غشت 2024 وفبراير 2025، وهي أرقام تتطابق تقريبا مع بيانات منظمة الصحة العالمية. وأوضحت النتائج أن ثلثي الإصابات الناجمة عن الأسلحة في غزة سببها الانفجارات، وهو معدل يفوق ضعف ما تم تسجيله بين المدنيين في نزاعات حديثة أخرى، ويوازي نسب إصابات الجنود الأمريكيين في حربي العراق وأفغانستان.
وقال الجراح البريطاني عمر التاجي، كبير الباحثين، إن الإصابات في غزة تضمنت “حروقاً هائلة من الدرجة الثالثة والرابعة، وصلت في كثير من الحالات إلى حد كشف العظام والعضلات”، مؤكداً أن حجم الإصابات وطبيعتها ترتقي إلى ما يشبه إصابات الحروب العسكرية، رغم أنها وقعت في صفوف المدنيين.
وأضاف التاجي: “الأسوأ كان توسل الأمهات لإنقاذ أطفالهن الميتين، ورؤية الأطفال يصرحون بنيتهم الانتحار بعدما فقدوا عائلاتهم. لقد اضطررنا لإجراء عمليات جراحية في ظروف شبه مستحيلة مع غياب المعدات، وكان علينا تقنين الرعاية لإنقاذ من لديهم فرصة أكبر للبقاء.”
كما لفتت الدراسة إلى أن الأطباء والممرضين واجهوا أيضاً حالات متزايدة من سوء التغذية والتجفاف، في وقت أعلنت فيه الأمم المتحدة حالة المجاعة في غزة منذ أغسطس 2025.
ووفق بيانات وزارة الصحة في غزة، التي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة، فقد أسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ أكتوبر 2023 عن مقتل أكثر من 65,500 شخص وإصابة نحو 167 ألفاً، معظمهم من المدنيين.
وأكد التاجي أن منع الطواقم الطبية الدولية من دخول غزة فاقم الوضع الإنساني، داعيا إلى إتاحة وصول العاملين الصحيين والمواد الطبية بشكل عاجل.